وقد بين سبحانه من حجج منكري المعاد، والجواب عنها وتقريره ما يطول هذا الموضع باستقصائه، كما في قوله:{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون} .
إلى آخر الآيات، وهذا باب واسع ليس هذا موضع بسطه.
فأما الآية التي ذكرها القائل التقدم، وهي قوله:{أفعيينا بالخلق الأول} .
فإن العرب تقول: عي وعيي بأمره إذا لم يهتد لوجهه، ويقول الرجل: عييت بأمري إذا لم يهتد لوجهه، وأعياني هو.
وقال الشاعر:
عيوا بأمرهم كما ... عييت ببيضتها الحمامة
فالعيي بالأمر يكون عاجزاً عنه مثل أن لا يدري ما يفعل فيه.
فقال سبحانه باستفهام الإنكار المتضمن نفي ما استفهم عنه، وأن ذلك معلوم عند المخاطب:{أفعيينا بالخلق الأول} ، فلم نكن عالمين بما نصنع فيه، ولا قادرين عليه؟ أم خلقناه بعلمنا وقدرتنا، وأتنيا فيه من الإحكام والإتقان بما دل على كمال علمنا وحكمتنا وقدرتنا؟
وهذا نظير قوله: {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات