العلة كالقول في هذه، ولا يجوز أن يكون صدرت عن ممكن لا علة له، لأن الممكن لا يكون موجوداً بنفسه، بل لا بد له من موجد - سمي علة أو لم يسم - ولا يجوز أن يكون صدرت عن ممكن بنفسه، لأن كون ذلك الممكن محدثاً لها أمر ممكن محدث.
فلا بد له من محدث، فإذا استحال على أصولهم صدور الحوادث عن العلة التامة الواجبة بواسطة أو غير واسطة، فقد تعذر صدورها عن ممكن لا موجب له، وعن موجب لا يستند فعله إلى الواجب بنفسه، لزم على قولهم أن لا يكون لها فاعل.
ووجه الحصر أن يقال: محدث الحوادث: إما أن يكون هو الواجب بنفسه، بوسط أو بغير وسط، أو غير الواجب بنفسه.
وما ليس بواجب بنفسه فهو الممكن.
والممكن إما أن يكون له موجد، وإما أن لا يكون.
والثاني ممتنع.
والأول نفس إحداثه للمحدثات أمر حادث ممكن، فلا بد له من موجد.
فتبين أن المحدثات لا بد لها من محدث، يكون واجباً بنفيه، ولا يكون علة تامة مستلزمة لمعلولها، وهذا يبطل أصل قولهم.
وهذا قول حذاقهم - كابن سينا وأمثاله - الذين يقولون: إنه صدر عن موجب بالذات.
ويحكى هذا القول عن برقلس.
وأما أرسطو وأتباعه فعندهم الأول لا يوجب شيئاً ولا يفعل شيئاً، بل