وهذا المبتدع ذكر في دلالة القرآن على هذا وعلى هذا ما تقدم التنبيه على فرط ضلال قائله عن حقائق ما أنزل الله على رسوله.
ولهذا كانت طريقة القرآن فيما يثبته للرب تعالى وينفيه عنه مبنية على برهان الأولى، لا على البرهان الذي تستوي أفراده، أو يماثل فرعه أصله.
قال تعالى:{للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} ، بعد قوله:{وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم} .
وقال تعالى في الآية الأخرى:{وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن} ، أي بما ضربوه للرحمن مثلاً، والمثل الذي ضربوه له هو البنات، وهو عندهم مثل سوء مذموم معيب.
فقال تعالى:{للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء} ، ومن قال: إنه ولد الملائكة، أو قال: إنه ولد العقول أو النفوس، فإنه لا يؤمن بالآخرة، فله مثل السوء.
والله تعالى له المثل الأعلى، فلا يضرب له المثل المساوي، إذا لا كفو ولا ند، فضلاً عن أن يضرب له المثل الناقص، ولا يكتفي في حقه بالمثل العالي، بل له المثل الأعلى، إذ هو الأعلى سبحانه، والعلم به أعلى العلوم، وذكره أعلى الأذكار، وحبه أعلى الحب.