وهذا المعنى كثير في القرآن: يبين سبحانه أنه لم يشرع عبادة غيره، ولا إذن في ذلك، بل يبين أنه لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فإنه كما يمتنع أن يكون غيره رباً فاعلاً، يمتنع أن يكون إلهاً معبوداً.
وإذا كان جعل المملوك شريكاً في الملك الناقص - بحيث يرغب إليه كما يرغب إلى المالك، يرهب منه كما يرهب من المالك - ممتنعاً يوجب الفساد، فجعل المملوك المخلوق شريكاً لمالكه الخالق أولى بالامتناع ولزم الفساد.
وذلك أن الذي يخافه إنما يخاف أن يضره، فإذا كان يعلم أنه لا يضره إلا بإذن الله سبحانه، كان الله تعالى هو الذي يجب أن يخاف.
وكذلك الذي يرجوه، إذا كان إنما يرجو نفعه، وهو لا ينفعه إلا بإذن الله، كان الله هو الذي يجب أن يرجى، إذ لا ينفع ولا يضر إلا بإذن الله، بخلاف مملوك البشر، فإنه - وإن كان لا يترف في المال إلا بإذن سيده، ولا يمنع من أذن له