ورأيتها بخطه عن الشيخ أحمد الحيوقي المعروف بالكبرى، قال: دخل علي فخر الدين الرازي ورجل آخر من المعتزلة كبير فيهم، فقالا: يا شيخ، بلغنا أنك تعلم علم اليقين.
فقلت نعم أنا أعلم علم اليقين.
فقالا لي: كيف تعلم علم اليقين، ونحن نتناظر من وقت كذا إلى وقت كذا، وكلما أقام حجة أبطلتها، وكلما أقمت بجة أبطلها؟ فقلت: ما أدري ما تقولان، ولكن أنا أعلم علم اليقين.
فقالا: فبين لنا ما هذا اليقين.
فقلت: واردات ترد على النفوس، تعجز النفوس عن ردها.
فجعلا يرددان هذا الكلام، ويقولون: واردات ترد على النفوس، تعجز النفوس عن ردها.
وتعجبا من هذا الجواب، لأنه رحمه الله بين أن ذلك من العلوم الضرورية التي تلزم القلب لزوماً لا يمكنه مع ذلك دفعها.
قالا له: كيف الطريق إلى هذه الواردات؟ فقال لهما: بأن تسلكا طريقتنا التي نأمركم بها فاعتذر الرازي بما له من الموانع.
وأما المعتزلي فقال: أنا محتاج إلى هذه الواردات، فإن الشبهات قد أحرقت قلبي.
فأمر الشيخ بما يفعله من العبادة والذكر وما يتبع ذلك، ففتح الله عليه بهذه الواردات.