للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باطل.

فحصر هؤلاء لمطلق العلم في ترتيب معين، وحصر هؤلاء العلم بالله وبصدق رسله في ترتيب معين، وحصر هؤلاء للوصول إلى الله في ترتيب معين، كل هذا مع كونه في نفسه مشتملاً على حق وباطل، فالحق منه لا يوجب الحصر، ولكن هو وصف قوم معينين، وطرق العلم والأحوال وأسباب ذلك وترتيبه أوسع من أن تحصر في بعض هذه الطرائق.

ولهذا كانت الرسل صلوات الله عليهم وسلامه يأمرون بالغايات المطلوبة من الإيمان بالله ورسوله وتقواه، ويذكرون من طرق ذلك وأسبابه ما أقوى وأنفع.

وأما أهل البدع المخالفون لهم فبالعكس، يأمرون بالبدايات والأوائل، ويذكرون من ذلك ما هو أضعف وأضر.

فمتبع الأنبياء لا يضل ولا يشقى، ومتبع هؤلاء ضال شقي.

إذ كانت قضايا هؤلاء فيها من الباطل الذي هو كذب وإفك، وإن لم يعلم صاحبه أنه كذب وإفك، بل يظنه صدقاً، ما لا يحصيه إلا الله.

وإذا كان الناس يتنوعون في الوجوب وترتيب الواجبات، ويتنوعون في الحصول وترتيب الحاصلات، لم يمكن أن يجعل ما يخص بعضهم شاملاً لجميعهم، وكثير من الغلط في هذا الباب إنما دخل من هذا الوجه: يصف أحدهم طريق طائفة، ثم يجعله عاماً كلياً، ومن لم يسلكه كان ضالاً عنده، ثم ذلك الطريق إما أن يكون خطأ وإما أن

<<  <  ج: ص:  >  >>