ولهذا قالت الأنبياء عليهم السلام لأمهم:{أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} وهذا استفهام إنكار يتضمن النفي، ويبين أنه ليس في الله شك.
وقول القائل: ليس في هذا شك، يراد به أنه قد بلغ في الظهور والوضوح ولزوم معرفته، إلى حيث لا ينبغي أن يشك فيه، وإلى حيث لا يشك فيه.
وعلى كلا التقديرين يتبين أن الإقرار بالصانع بهذه المثابة.
وأما الطريق الثاني، وهو إدراك الحواس، فلا ريب أنهم لا يقولون إنهم يدركونه بالحس الظاهر، بل يقولون: إن الحس نوعان: ظاهر، وباطن.
والإنسان يحس بباطنه الأمور الباطنة، كالجوع والعطش، والشبع والري، والفرح والحزن، واللذة والألم، ونحو ذلك من أحوال النفس، فهكذا يحسون ما في بطونهم من محبته سبحانه وتعظيمه، والذل له، والافتقار إليه، مما اضطروا إليه وفطروا عليه، ويحسون أيضاً ما يحصل في بواطنهم من المعرفة المتضمنة لمثله الأعلى في قلوبهم.
والإحساس نوعان: نوع بلا واسطة، كالإحساس بنفس الشمس والقمر والكواكب، وإحساس بواسطة: كالإحساس