للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستدلال، اللذين هما طريقة العلم، فإذا قضى العقل بشيء عولوا عليه، فلما قضى بوجود صانع لهذا العالم المحكم بالقواعد أثبتوه، ثم نظروا في أفعاله، فرأوا هدم الأبنية المحكمة، وشاهدو جزيئات لم تأت على نظام الكليات، ومضمار تعقب منافع، فجحدوا الأول بالآخر، ففسد اعتقادهم في الكل، بما عرض لهم من اختلال الجزء، وقالوا: إن دل الإحكام على حكيم، فقد دل الاختلال على الإهمال، فشكوا.

والقبيل الآخر أثبتوا صانعاً للكليات، وأضافوا الشرور إلى صانع آخر، فثنوا بعد أن وحدوا.

والقبيل الآخر عللوا بما انحرم بعلل لم تشف غليل العقل، فلما لم يستقم لهم التعليل جنحوا، وقالوا: خفي علينا وجه الحكمة فيما عرض في العالم من الفساد، فسلموا لمن استحق التسليم، وهو الصانع، وهذه طائفة أهل الحديث) .

قال: (وهذا الذي يقال له مذهب العجائز، وإليه كل عالم محق) .

قال: وقد ظن قوم أن مذهب العجائز ليس بشيء، وليس كذلك.

وإنما معناه أن المدققين لما بالغوا في النظر، فلم يشهدوا ما يشفي العقل من التعليلات، وقفوا مع هذه الجملة التي هي

<<  <  ج: ص:  >  >>