فإن كلام الصحابة في إثبات الصفات لله تعالى أكثر وأعظم من أن يمكن سطره هنا، بل كلام الصحابة في إثبات الصفات العينية الخبرية التي تسميها نفاة الصفات تجسيماً، أكثر من أن يمكن سطره هنا، وكلامهم وكلام التابعين صريح في أنهم لم يكونوا يثبتون ذاتاً مجردة عن الصفات.
وأما اللفظ: هل الصفات زائدة على الذات أم لا؟ فلفظ مجمل، فإن أراد به المريد أن هناك ذاتاً قائمة بنفسها، منفصلة عن الصفات الزائدة عليها، فهذا لا يقوله أهل الإثبات، ولا الصحابة.
وإن أراد به أن الصفات زائدة على الذات المجردة التي يعترف بها النفاة، فهذا حق، ولكن ليس في الخارج ذات مجردة، فالسلف والأئمة لم يثبتوا ذاتاً مجردة حتى يقولوا: الصفات زائدة عليها، بل الذات التي أثبتوها هي الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لها، وهذا المعنى متواتر في كلام الصحابة.
ففي الجملة: المعاني الصحيحة الثابتة كان الصحابة أعرف الناس بها، وإن كان التعبير عن تلك المعاني يختلف بحسب اختلاف الاصطلاحات.
والمعاني الباطلة قد لا تخطر ببال أحدهم، وقد تخطر بباله فيدفعها، أو يسمعها من غيره فيردها، فإن ما يلقيه الشيطان