إلى المحدث بأن ذلك تخصيص بأحد الجائزين، والتخصيص بأحد الجائزين لأنه لا بد له من مخصص، وهذا عندهم مختص بالمحدثات، ولا يتصور عندهم ممكن قديم حتى يستدلوا بافتقار الممكن المتساوي الطرفين إلى مرجح لأحدهما، أو مرجح لوجوده.
وذكر القاضي أبو بكر أن ما ذكر من ضرب المثل باللبن إذا صار بناءً، والغزل إذا صار ثوباً، إنما هو لأجل ظهور ذلك في نفوس العامة والخاصة، لا لأن أحداهما مقيس على الآخر.
وذلك أن كثيراً من المعتزلة، كأبي علي، وأبي هاشم، يقررون ذلك بالقياس على أفعال العباد، فيقولون: كما أن الكتابة لا بد لها من كاتب، والبناء لا بد له من بان، فكذلك الجسم المحدث لا بد له من فاعل للقدر المشترك، لأن العلة الموجبة افتقار الأصل المقيس عليه إلى الفاعل، هي موجوده في الفرع المقيس، لأن افتقار الأصل إلى الفاعل إنما كان لحدوثه، وهذا موجود في الفرع ...
إلى سائر كلامهم المعروف في مثل هذا.
فذكر القاضي أبو بكر أنه لا حاجة إلى هذا، بل افتقار أحداهما كافتقار الآخر، وقرر الجميع بالطريقة التي ذكرها، وهو قوله: (لأن