للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما كون عدمه لا يترجح على وجوده إلا بمرجح فهذا محل نزاع، وأكثر العقلاء على نقيض ذلك، وعندهم أن العدم لا يعلل ولا يعلل به، كما قال ذلك من قاله من متكلمة أهل الإثبات، وغيرهم كـ القاضي أبي بكر وأتباعه، كـ أبي المعالي، والقاضي أبي يعلى، وابن الزاغوني، وغيرهم.

فالجمهور يقولون: عدم الممكن لا يفتقر إلى سبب، بل ليس له من ذاته وجود، فإذا لم يكن ثم سبب يقتضي وجوده نفي معدوماً.

وإذا قال القائل: عدم وجوده لعدم علة وجوده، كما أن وجوده لوجود علة وجوده.

قالوا له: أتعني أن نفس عدم العلة هو الموجب لعدمه، كما أن العلة المقتضية لوجوده كالفاعل هو المقتضي لوجوده؟ أم تعني أن عدم العلة مستلزم لعدمه، ودليل على عدمه؟

الأول ممنوع، والثاني مسلم.

وذلك لأن عدمه لا يفتقر إلى سبب منفصل أصلاً، وما لا يفتقر إلى سبب منفصل لا يعلل بسبب منفصل، وذاته ليست مستلزمة للعدم لتكون ممتنعة، بل ليست مقتضية للوجود، فعدمه مستمر إذا لم يكن هناك سبب يقتضي وجوده، ولكن يستدل بعدم الموجب على عدم الموجب، لأن وجوده بدون سبب محال.

فإذا علمنا ان لا سبب يقتضي وجوده، علمنا عدم وجوده، فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>