للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك الأوقات المتماثلة، إذا اختص وقت عن وقت بحدوث الحادث فيه، كان ذلك التخصيص تخصيصاً لأحد المثلين على الآخر، والتخصيص ترجيح له عليه، فلا يد له من مخصص مرجح.

وأما الوجود والعدم فليسا متماثلين في أنفسهما، وإن كان الممكن يقبل الوجود ويقبل العدم، فليس وجوده مماثلاً لعدمه، كتماثل الكفتين والوقتين، ولكن هما بالنسبة إليه جائزان، وهو قابل لهما.

فغاية ما يقال: إنه باعتبار نفسه ليس هو بأحدهما أولى منه بالآخر، فهما بالنسبة إليه متماثلان من هذا الوجه، فيكون ترجيح أحدهما مفتقراً إلى مرجح، ولكن عند التحقيق يظهر أنهما بالنسبة إليه ليسا متماثلين، وأنه ليس هنا حقيقتان ترجيح إحداهما على الأخرى، بل ليس له نفسه وجود أصلاً، فهو باعتبار ذاته لا يستحق إلا العدم، لا يقال: إنه لا يستحق لا الوجود ولا العدم، بل إذا جردنا النظر إلى محض ذات الممكن، الذي يقبل الوجود والعدم، علمنا أن ذاته لا تكون موجودة بذاته.

لسنا نقول: إن ذاته تستلزم العدم، بحيث يكون عدمها واجباً ووجودها ممتنعاً، فإن هذا حقيقة الممتنع لذاته، لا حقيقة الممكن لذاته.

ولكن نقول: إن ذاته هي باعتبار النظر إليها فقط معدومة عدماً ليس واجباً، بل عدماً يمكن أن يتبدل بالوجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>