وإلا فمجرد التقسيم دعوى مجردة، كما لو قيل: الوجود ينقسم إلى ماهو ثابت، وإلى ما ليس بثابت، أو ينقسم إلى قديم وحادث، وما ليس بقديم ولا حادث، أو ينقسم إلى واجب وممكن، وما ليس بواجب ولا ممكن.
فهذا تقسيم دائر بين النفي والإثبات، لكن لا يستلزم ثبوت كل من الأقسام.
وإذا قيل: ينقسم إلى معلول وغير معلول.
وقيل: المعلول ينقسم إلى ممكن حقيقي - وهو الحادث وإلى ممكن باصطلاح ابن سينا - وهو المعلول - مع كونه ضرورياً، كان غايته إذ أثبت انقسام المعلول إلى ضروري وحادث: إثبات القسمين: الضروري والحادث، أو إثبات ضروري معلول، ليس في إثبات ضروري ليس بمعلول، وهو واجب الوجود بنفسه، فلم يكن فيما ذكره إثبات واجب الوجود بنفسه، فكيف وليس فيه أيضاً إثبات ضروري معلول، وإنما فيه تقسيم المعلول إلى ضروري وغير ضروري؟.
ومجرد التقسيم لا يدل على ثبوت كل من القسمين، فلم يكن فيما ذكره لا إثبات ضروري معلول ولا غير معلول، إن لم يبين أن المحدث يدل على ذلك، ولا استدل بالحدوث ألبته، وهو الممكن الحقيقي، وإنما استدل بالممكن الذي ابتدعه، وجعله يتناول القديم الضروري والمحدث ولو استدل بالمحدث لدل على إثبات قديم، وثبوت قديم لا يدل على واجب الوجود باصطلاحهم لأن القديم عندهم ينقسم إلى واجب وممكن.