للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجب: هو قديم أزلي، وإلى ممكن: هو محدث وجد بعد أن لم يوجد، معلوم بالضرورة بجميع العقلاء وعوامهم.

وصوفيتهم يقولون: الوجود الواجب القديم الأزلي هو عين الوجود المحدث ليس هنا وجودان: أحدهما واجب قديم، والآخر ممكن محدث، فهؤلاء يجمعون بين النقيضين، حين يجعلون الوجود الواحد قديماً حادثاً ممكناً، معلولاً مفعولاً واجباً، وغير مفعول ولا معلول.

وأولئك لم يثبت عندهم أحد النقيضين، بل يشكون في رفع النقيضين، فلم يثبت عندهم وجود واجب، بل ولا ممكن بالمعنى الذي قرره.

ومعلوم أن الموجود مشهود، وأنه إما ممكن وإما واجب، فمن رفع النوعين أو شك في ثبوتهما، أوثبوتا أحدهما، فهو في غاية السفسطة، كما أن من لم يثبتهما، بل جعل الجميع واجباً بنفسه قديماً أزلياً، وأنكر وجود الحوادث، فهو في غاية السفسطة.

والكلام على هؤلاء مبسوط في موضع آخر.

وإنما المقصود هنا ذكر ما ذكره ابن رشد، فإنه مع تعظيمه للفلاسفة، وغلوه في تعظيمهم، وقوله: إنهم وقفوا على أسرار العلوم الإلهية، قد تفطن لفساد ما ذكره أفضل متأخريهم وأتباعه، وهو عند التحقيق خير مما ذكره أرسطو وأتباعه، فإذا كان هذا فساداً فذاك بطريق الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>