والإمكان أيضاً منه ما هو من الفاعل، وهو إمكان الفعل، ومنه ما هو من المنفعل، وهو إمكان القبول، وليس ظهور الحاجة فيهما إلى المرجح على السواء.
وذلك أن الإمكان الذي في المنفعل مشهور حاجته إلى المرجح من خارج، لأنه يدرك حساً في الأمور الصناعية وكثير من الأمور الطبيعية، وقد يلحق فيه شك في الأمور الطبيعية، لأن أكثر الأمور الطبيعة مبدأ تغيرها منها، ولذلك يظن في كثير منها أن المحرك هو المتحرك هو المتحرك، وأنه ليس معروفاً بنفسه: أن كل متحرك فله محرك، وأنه ليس ها هنا شيء يحرك ذاته.
فإن هذا كله يحتاج إلي بيان، فلذلك فحص عنه القدماء.
وإما الإمكان الذي في الفاعل، فقد يظن في كثير منها أنه لا يحتاج في خروجه إلى الفعل إلى مرجح من خارج، لأن انتقال الفاعل من أن لا يفعل إلى أن يفعل، قد يظن بكثير منه أنه ليس تغيراً يحتاج إلى مغير، مثل انتقال المهندس من أن لا يهندس إلى أن يهندس، وانتقال المعلم من أن لا يعلم إلى أن يعلم) .