قال: وذلك يسلتزم وجود واجب وهو ضروري، ولكن لا يستلزم أنه لا علة له إلا بدليل منفصل.
وهذا الذي قاله ابن رشد بناء على أن افتقار المحدث إلى المحدث أمر ضروري، كما هو قول الجمهور.
فإذا كان المراد بالممكن الحقيقي هو الحادث، فلا بد له من فاعل ليس بحادث، وهو الضروري في اصطلح عامة العقلاء، فإن كل قديم هو ضروري عند عامة العقلاء، وكل ممكن الإمكان الخاص هو محدث عندهم، ثم بعد هذا كونه لا علة له.
والعلم بامتناع التسلسل في مثل هذا: بأن يكون للمحدث محدث إلى غير نهاية، ممتنع عند جميع العقلاء.
وقد بين ذلك في موضعه.
وأما كون الممكن، الذي هو قديم أزلي ضروري الوجود، هو معلول لغيره، فهذا ليس يبين أيضاً امتناع التسلسل فيه على هذا التقدير كما تقدم، وعلى هذا التقدير فيمكن تقرير ما ذكره الغزالي من أن ما قالوه في امتناع التسلسل باطل على أصولهم، فإن كل ممكن إذا قدر أنه معلول، مع كونه واجباً قديماً أزلياً، فالقول في علته كقول فيه، فإذا قدر علل ومعلولات، كل منها واجب قديم أزلي لا نهاية لها، لم يظهر امتناع هذا على هذا التقدير، ولم يظهر افتقار مجموعها إلى واجب خارج عنها، إذ كان كل منها واجب له علة.
فإذا قيل: المجموع لا علة له، لم يظهر امتناع ذلك، كما يظهر امتناعه في المحدثات، ولكن كونه له