فإذا تأمل الإنسان هذه الأفعال والتدبيرات اللازمة والمتقنة عن حركات الكواكب، ورأى الكواكب تتحرك هذه الحركات وهي ذوات أشكال محدودة، ومن وجهات محدودة، ونحو حركات محدودة، وحركات متضادة - علم أن هذه الأفعال المحدودة إنما هي عن موجودات مدركة حية، ذوات اختيار وإرادة، ويزيده إقناعاً في ذلك أن يرى أن كثيراً من الأجسام الصغيرة الحقيرة الخسيسة المظلمة الأجساد التي ها هنا، لم تعدم بالحياة بالجملة، على صغر أجرامها، وخساسة أقدارها، وقصر أعمارهما، وإظلام أجسادها، وأن الجود الإلهي أفاض عليها الحياة والإدراك، التي لها دبرت ذاتها، وحفظت وجودها - علم على القطع أن الأجسام السماوية أحرى أن تكون حية مدركة من هذه الأجسام، لعظم أجرامها، وشرف وجودها، وكثرة أنوارها.