ومن المعلوم أن احتياج العقول والأفلاك إلى الواجب بذاته، أعظم من حاجة ما دونها إليها: فكيف يقال في هذا: لا يوجد إلا به؟ ويقال في ذلك: لا يوجد إلا بقبول الأمر؟
ومن المعلوم أن ما يظهر من تأثير الأفلاك في الأرض إنما هو في بعض أحوالها، كما ذكره من تأثير قرب الشمس وبعدها والليل والنهار.
ومن المعلوم بالحس أن هذا ليس وحده مستقلاً بإبداع ما في الأرض، وإنما هو من جملة الأسباب التي بها يتم، كما يفتقر الحيوان والنبات إلى الريح، وافتقارها إلى ذلك أعظم من افتقارها إلى الشمس، وكما تفتقر إلى الأرض والتراب وغير ذلك من الأسباب.
وبالجملة هذه الطريق التي سلكها هؤلاء مبنية على ثلاث مقدمات أن الأفلاك لا تقوم إلا بالحركة، وأن الحركة لا تقوم إلا بآمر منفصل، أو محبوب منفصل يحب التشبه به، فالأفلاك لا تقوم إلا بذلك.
ثم إذا كانت لا تقوم إلا بذلك، لزم أن تكون جميع أعيانها وصفاتها صادرة عنه، وهم لم يقروا ذلك.
وقد بسط هذا في غير هذا الموضع، لكن يمكن تقريره بأن يقال: إذا كان قوامها بحركتها، وقوام حركتها به، فقوامها به، وإذا كان قوامها