ممكن الوجود في الحركة التي في المكان، فوجب أن يكون المحرك له واجب الوجود في الجوهر، وألا يكون فيه أصلاً: لا على حركة، ولا على غيرها، فلا يوصف بحركة ولا سكون، ولا يغير ذلك من أنواع التغيرات.
وما هو بهذه الصفة فليس بجسم أصلاً، ولا قوة في جسم، وأجزاء العالم الأزلية إنما هي واجبة الوجود في الجوهر: إما في الكلية كالحال في الاسطقسات الأربع، وإما بالشخص كالحال في الأجرام السماوية) .
قلت: المقصود ذكر طرق هؤلاء، ومنتهى نظرهم ومعرفتهم، وأن خيار ما في كلام ابن سينا وأمثاله، إنما تلقاه من طرق المتكلمين، كالمعتزلة ونحوهم مع ما فيهم من البدعة.
وأما ما ذكره هذا من طريقة الفقهاء، فهي أضعف وأقل فائدة في العلوم الإلهية من طريقة ابن سينا بكثير، فإن ابن سينا أدخل الفلسفة من المعارف الإلهية التي ركبها من طرق المتكلمين، وطرق الفلاسفة والصوفية.
ما كسا به الفلسفة بهجة ورونقاً، حتى نفقت على كثير من أهل الملل، بخلاف فلسفة القدماء، فإن فيها من التقصير والجهل في العلوم الإليهة ما لا يخفى على أحد.
وإنما كلام القوم وعلمهم في العلوم الرياضية والطبيعية، وكل فاضل يعلم أن كلام أرسطو وأمثاله في الإلهيات قليل نزر جداً، قليل