قلت: وهذا القول هو قول القائلين بقدم العالم وأنه واجب بنفسه، ليس له موجب آخر.
وهو الظاهر المشهور من مذاهب الدهرية، وإليه يعود كلام محقيقهم، ولهذا كان أئمة الكلام القدماء، من المعتزلة والأشعرية وغيرهم، كأبي على الجبائي وأمثاله، وكـ القاضي أبي بكر، والقاضي أبي يعلى، وأمثالهما، لا يذكرون عن الدهرية إلا هذا القول.
وأما القول الذي ذكره ابن سينا وهو أنه معلول علة واجبة أبدعته، فهذا قوله وقول أمثاله من الفلاسفة.
وقد حكي هذا القول عن برقلس، وقد نازعه فيه إخوانه الفلاسفة، وهو لم يذكر له عليهم حجة مستقيمة، وإنما احتج عليهم بما احتج عليهم بما ذكره في توحيد واجب الوجود، وأنه لايكون موصوفاً بصفات فتكون فيه كثرة، ولا يكون جسماً فتكون فيه كثرة، ونفى الأنواع الخمسة التي سماها تركيباً كتركيب الجسم من أجزائه الحسية: الجواهر المفردة، ومن أجزائه العقلية: وهي المادة والصورة، ومن الذات والصفات، ومن العام والخاص، ومن الوجود والماهية.