فيقال لك: وأنت تقول: إن الحوادث كلها تحدث بلا سبب حادث.
وعلى قولك فكل حادث حادث في وقت من الأوقات، فإن ذلك الوقت اختص بالحدوث بلا سبب مخصص حادث، فألزمهم اختصاص وقت من الأوقات بالحدوث دون سائر الأوقات بلا مخصص.
وأنت يلزمك اختصاص كل وقت بما يحدث فيه من الحوادث بلا سبب مخصص، واختصاص كل حادث بصفته وقدره بلا سبب مخصص، واختصاص كل حادث بوقته بلا سبب مخصص، وحدوث جميع الحوادث بلا سبب مقتض للحوادث، فهم إن كان ما التزموه باطلاً فقد التزمت أضعافه، فيكون قولك أفسد.
وإن لم يكن باطلاً بطلت حجتك على إبطال قولهم، فتبين أن إبطالك لقولهم، مع اعتقادك لما تعتقده، باطل على كل تقدير، وعلم أن الأصول الصحيحة التي وافقتهم عليها، هي بطلان قولك أدل منها على بطلان قولهم، والأصول الفاسدة التي وافقوك عليها، إذا كانوا قد تناقضوا فيه ولم يطردوها، فأنت أعظم تناقضاً في عدم طردك لأصولك مطلقاً: صحيحها وفاسدها.
وبيان ذلك أنه قد قال: يجب أن يكون الصانع الواجب الوجود غير مختلف النسب إلى الأوقات والأشياء الكائنة عنه كوناً أزلياً، ومايلزم من ذلك لزوماً ذاتياً وإلا ما يلزم من اختلافات يلزم عندها فيتبعها التغيير يعني حركة الفلك وما يتبعها من التغيير.