والواحد البسيط من كل جهة يمتنع أن يصدر عنه ما هو مختلف في صفاته وأقداره، وإن جاز ذلك بطل قولهم: الواحد لا يصدر عنه إلا واحد.
وإذا بطل هذا القول بطل قولهم في صدور العالم عنه، سواء كان صادراً عنه بوسائط لازمة له بسيطة كالعقول، أو بغير وسائط أو بوسائط مختلفة، فكيف ما قدروه، فلا بد لهم من لوازم أجسام مختلفة في القدر والصفات عن واحد بسيط لا صفة له ولا فعل فيه.
وأيضاً فما زمان من الأزمنة إلا وتحدث فيه حوادث مختلفة، وقد يختص بعض الأزمنة بحوادث ليست من جنس حوادث بقية الأزمنة، كحادث الطوفان وأمثاله، بل إرسال موسى عليه السلام، وما تبع رسالته من الحوادث، وإرسال محمد صلى الله عليه وسلم وما تبع رسالته من الحوادث، وأمثال ذلك، هي من الحوادث المختصة بزمان دون زمان، فإذا كان لا سبب للحوادث إلا ذات نسبتها إلى جميع الأزمنة سواء، ولوازمها التي نسبتها إلى جميع الأزمنة سواء، وقد قالوا لأجل هذا: يمتنع تخصيص زمان دون زمان بحدوث العالم، وقالوا: العالم قديم لذلك، ففي هذا القول من تخصيص بعض الأزمنة بحادث دون حادث، ما في ذلك القول وزيادات، فإن المعتزلة يقولون: التخصيص إنما وقع