وإذا قال القائل: هذا الأصل قد قرره مثل أبي الهذيل العلاف وأبي إسحاق النظام، ومثل الجهم بن صفوان، واتبعهم عليه مثل أبي علي وأبي هاشم، وعبد الجبار بن أحمد، وأبي الحسين البصري، وغيرهم.
ووافقهم على صحة هذه الطريقة - وهو امتناع حوادث لا أول لها - مثل محمد بن كرام، وابن الهيثم وغيرهما، ومثل أبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر، وأبي المعالي، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، ابن الزاغوني، وأبي عبد الله المازري، والقاضي أبي بكر بن العربي، وغيرهم، بل ومثل الشريف المرتضى وأمثاله من شيوخ الشيعة، فهؤلاء - وأضعافهم - يحتج بهذه الطريقة، وإن كان أصلها مأخوذاً من الجهم بن صفوان وأبي الهذيل العلاف وغيرهما.
قيل لمن قال هذا القول: الواحد من هؤلاء لم يعظمه من يعظمه من المسلمين، إلا لما قام به من دين الإسلام، الذي كان فيه موافقاً لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الواحد من هؤلاء له مساع مشكورة في نصر ما نصره من الإسلام، والرد على طوائف من المخالفين لما جاء به الرسول، فحمدهم والثناء عليهم بما لهم من السعي الداخل في طاعة الله ورسوله، وإظهار العلم الصحيح الموافق لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والمظهر لباطل من خالف الرسول، وما من أحد من هؤلاء، ومن هو أفضل منهم، إلا وله غلط في مواضع.