والنار، فيكون الرب ما زال معطلاً من الكلام والفعال، صم لا يزال معطلاً من الكلام والفعال، وإنما حدث ما حدث من الكلام والفعال في مدة قليلة جداً بالنسبة إلى الأزل والأبد، فبهذا القول وما يترتب عليه أقام على هؤلاء الشناعة أئمة الشرع والعقل، ورآى الناس أن في ذلك من مخالفة الشرع والعقل مالا يجوز السكوت عن رده، لكن هؤلاء، وإن كانوا ابتدعوا مخالفة للشرع والعقل بحسب نظرهم واستدلالهم، فالمتفلسفة المتنازعون لهم أبعد عن العقل والشرع، وهؤلاء يردون صريح ما تواتر عن الرسل، ويزعمون أنهم خيلوا ومثلوا.
وأما أولئك فقد يتأولون النصوص، أو يقولون: لها معنى لا نفهمه، ولا يقولون: إن الرسل قصدت أن تخبر بالأمور على خلاف ما هي عليه بطريق التخييل والتمثيل، بل كثير مما ينصرونه من بدعهم يظنون أن الرسل قالوه، فخطؤهم تارة في تكذيب الناقل، وتارة في تأويل المنقول.
وأولئك يعلمون صدق الناقل وصدق المنقول عنه، ولكن يقولون كلاماً مضمونه أنه كذب للمصلحة، ولهذا سماهم المسلمون: ملحدين: فإنهم يلحدون في آيات الله، ولهذا يفضي بهم تأويل