والمقصود هنا: أن القاضي كان أولاً يقول بطريقة من يقول: إن أول الواجبات هو النظر في حدوث الأجسام، ثم رجع القاضي عن ذلك، ووافق الخطابي وغيره ممن سلك مسلك السلف والأئمة، وقالوا: إن هذه الطريقة ليست واجبة بل هي عند محققيهم باطلة، وإن كان النظر واجباً في غيرها من الطرق الصحيحة.
وقد افتتح القاضي كتابه بقوله:(الحمد لله مبتدىء الأشياء ومخترعها من غير شيء، العالم بها قبل تكوينها، والقادر عليها قبل أنشائها، جاعل العلامات، وناصب الدلالات، ومبين الآيات، الآمر أولي الأبصار بالأفكار، وأولي الألباب بالاعتبار، أرسل الرسل بالإنذار، وأنزل الكتب بالأنوار، وباعث النبيين، ومنقذ العمين.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، وأمينه المرتضى، أنزل عليه كتابه الهدى نوراً لمن التمسه، وضياءً لمن اقتبسه، ودليلاً لمن طبله، دلهم فيه على معاني حكمته، ولطيف صنعته، وبيان جلاله، أثبت الحجة به على أوليائه وأعدائه، وهو كلامه الذي يعجز الخلق أن يأتوا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، لا معقب لأمره، ولا راد لفضله، تعالى عما يقول الجاحدون علواً كبيراً) .