وهذا دين المشركين من الصبئين كالكشدانيين والكنعانيين واليونانيين وأرسطواً وأمثاله من أهل هذا الدين، وكلامه معروف في السحر الطبيعي والسحر الروحاني، والكتب المعروفة بذخيرة الإسكندر بن فليبس الذي يؤرخون به، وكان قبل المسيح بنحو ثلاثمائة سنة.
وكانت اليونان مشركين يعبدون الأوثان، كما كان قوم إبراهيم مشركين يعبدون الأوثان، ولهذا قال الخليل {إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين}[الزخرف: ٢٦-٢٧] ، وقال {أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين}[الشعراء: ٧٥-٧٧] ، وأمثال ذلك مما يبين تبرؤه مما يعبدونه غير الله.
وهؤلاء القوم عامتهم من نفاة صفات الله وأفعاله القائمة به، كما هو مذهب الفلاسفة المشائين، فإنهم يقولون: إن ليس له صفة ثبوتية، بل صفاته إما سلبية وإما إضافية، وهو مذهب القرامطة الباطنية القائلين بدعوة الكواكب والشمس والقمر والسجود لها، كما كان على ذلك من كان عليه من بني عبيد ملوك القاهرة وأمثالهم.
فالشرك الذي نهي عنه الخليل وعادى أهله عليه كان أصحابه هم أئمة هؤلاء النفاة للصفات والأفعال، وأول من أظهر هذا النفي في الإسلام: الجعد بن درهم، معلم مروان بن محمد.