أنه لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرثه المسلمون، ويجوز استرقاقهم، ونحو ذلك - فلم يجز لأحد أن يحتج بهذا الحديث على أن حكم الأطفال في الدنيا حكم المؤمنين حتى تعرب عنهم ألسنتهم، وهذا حق.
لكن ظن أن الحديث اقتضى أن يحكم لهم في الدنيا بأحكام المؤمنين، فقال: هذا منسوخ، كان قبل الجهاد، لأنه بالجهاد أبيح استرقاق النساء والأطفال، والمؤمن لا يسترق، ولكن كون الطفل يتبع أباه في الدين في الأحكام الدنيوية، أمر ما زال مشروعاً، وما زال الأطفال تبعاً لأبويهم في الأمور الدنيوية.
والحديث لم يقصد بيان هذه الأحكام، وإنما قصد ما ولد عليه من الفطرة.
وإذا قيل: إنه ولد على فطرة الإسلام، أو خلق حنيفاً ونحو ذلك.
فليس المراد به أنه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين ويريده.
فإن الله تعالى يقول:{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} ، ولكن فطرته مقتضية موجبة لدين الإسلام، لمعرفته ومحبته.
فنفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له، وموجبات الفطرة ومقتضاها تحصل شيئاً بعد شيء، بحسب كمال الفطرة، إذا سلمت عن المعارض.