للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه خصمه، فصار بين الفلاسفة الدهرية والمتكلمين القدرية في هذا الباب من النزاع ما استطار شرره، وإن كانت القدرية أقرب إلى العلم والعدل.

ومن الناس من يحار، ومنهم من يوافق هؤلاء تارة وهؤلاء تارة، تناقضاً منه في حالين، أو جمعاً بين النقيضين في حال واحدة.

ولو اتبعوا ما بعث الله ورسوله من الهدى ودين الحق، لحصل لهم من العلم والعدل ما يرفع النزاع، ويدخلهم في اتباع النص والإجماع، والكلام على هذه المسألة له موضع آخر.

والمقصود هنا تفسير قوله: (كل مولود يولد على الفطرة) وأن من قال بإثبات القدر، وأن الله كتب الشقي والسعيد، لم يمنع ذلك أن يكون ولد على الإسلام ثم تغير بعد ذلك، كما تولد البهيمة جمعاء ثم تغير بعد ذلك، فإن الله تعالى يعلم الاشياء على ما هي عليه، فيعلم أنه يولد سليماً ثم يتغير.

والآثار المنقولة عن السلف لا تدل إلا على هذا القول الذي رجحناه، وهو أنهم ولدوا على الفطرة، ثم صاروا إلىما سبق في علم الله فيهم من سعادة وشقاوة، لا تدل على أنه حين الولادة لم يكن على فطرة سليمة مقتضية للإيمان، مستلزمة له لولا المعارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>