وظاهر اللفظ أنه خبر فلا يجعل نهياً بغير حجة، وهذا أصح.
وحينئذ فيقال: المراد ما خلقهم عليه من الفطرة لا تبدل، فلا يخلقون على غير الفطرة، لا يقع هذا قط.
والمعنى أن الخلق لا يتبدل فيخلقون على غير الفطرة، ولم يرد بذلك أن الفطرة لا تتغير بعد الخلق، بل نفس الحديث يبين أنها تتغير، ولهذا شبهها بالبهيمة التي تولد جمعاء ثم تجدع، ولا تولد بهيمة قط مخصية ولا مجدوعة.
وقد قال تعالى عن الشيطان:{ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ، فالله أقدر الخلق على أن يغيروا ما خلقهم عليه بقدرته ومشيئته.
وأما تبديل الخلق، بأن يخلقوا على غير تلك الفطرة، فهذا لا يقدر عليها إلا الله، والله لا يفعله، كما قال:{لا تبديل لخلق الله} ، ولم يقل: لا تغيير، فإن تبديل الشيء يكون بذهابه وحصول بدله، فلا يكون خلق بدل هذا الخلق، ولكن إذا غير بعد وجوده، لم يكن الخلق الموجود عند الولادة قد حصل بدله.
وأما قول القائل: لا تبديل للخلقة التي جبل عليه ولد آدم كلهم من كفر وإيمان، فإن عنى بها أن ما سبق به القدر من الكفر والإيمان لا يقع خلافه، فهذا حق.
ولكن ذلك لا يقتضي أن تبديل الكفر بالإيمان وبالعكس ممتنع، ولا أنه غير مقدور، بل العبد قادر على ما أمره الله به