واحتجاج الفقهاء، كأحمد وغيرهم، بهذا الحديث على أنه متى سبي منفرداً عن أبويه يصير مسلماً، لا يستلزم أن يكون المراد بتكفير الأبوين مجرد لحاقه بهما في الدين، ولكن وجه الحجة أنه إذا ولد على الملة فإنما ينقله عنها الأبوان اللذان يغيرانه عن الفطره، فمتى سباه المسلمون منفرداً عنهما، لم يكن هناك من يغير دينها، وهو مولود على الملة الحنيفية، فيصير مسلماً بالمقتضى السالم عن المعارض، ولو كان الأبوان يجعلانه كافراً في نفس الأمر بدون تعليم وتلقين، لكان الصبي المسبى بمنزلة الكافر.
ومعلوم أن الكافر البالغ إذا سباه المسلمون لم يصر مسلماً، لأنه صار كافراً حقيقة.
فلو كان الصبي التابع لأبويه كافراً حقيقة، لم ينتقل عن الكفر بالسباء، فعلم أنه كان يجزي عليه حكم الكفر في الدنيا تبعاً لأبويه، لا لأنه صار كافراً في نفس الأمر.
يبين ذلك أنه لو سباه كفار، لم يكن معه أبواه ولم يصر مسلماً، فهو هنا كافر في حكم الدنيا، وإن لم يكن أبواه هوداه ونصراه ومجساه.
فعلم أن المراد بالحديث أن الأبوين يلقنانه الكفر ويعلمانه إياه.
وذكر صلى الله عليه وسلم الأبوين لأنهما الأصل العام الغالب في تربية الأطفال، فإن كل طفل غير فلا بد له من أبوين، وهما اللذان يربيانه مع بقائهما وقدرتهما، بخلاف ما إذا ماتا أو عجزا لسبي الولد عنهما أو غير ذلك.