ومن هنا قال من قال: إن هذا الحديث - هو قوله:«كل مولود يولد على الفطرة» كان قبل أن تنزل الأحكام، كما ذكره أبوعبيد، عن محمد بن الحسن، فأما إذا عرف أن كونهم ولدوا عى الفطرة لا ينافي أن يكونوا تبعاً، لآبائهم في أحكام الدنيا زالت الشبهة.
وقد يكون في بلاد الكفر من هو مؤمن في الباطن يكتم إيمانه من لا يعلم المسلمون حاله، إذا قاتلوا الكفار، فيقتلونه ولا يغسل ولا يصلى عليه ويدفن مع المشركين، وهو في الآخرة من المؤمنين أهل الجنة، كما أن المنافقين تجري عليهم في الدنيا أحكام المسلمين وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، فحكم الدار الآخرة غير حكام الدار الدنيا.
وقوله:«كل مولود يولد على الفطرة» إنما أراد به الإخبار بالحقيقة التي خلقوا عليها، وعليها الثواب والعقاب في الآخرة، إذا عمل بموجبها وسلمت عن المعارض، لم يرد له الإخبار بأحكام الدنيا، فإنه قد علم بالاضطرار من شرع الرسول أن أولاد الكفار يكونون تبعاً لآبائهم في أحكام الدنيا، وأن أولادهم لا ينتزعون منهم إذا كان للآباء ذمة، وإن كانوا محاربين استرقت أولادهم ولم يكونوا كأولاد المسلمين.
ولا نزاع بين المسلمين أن أولاد الكفار الأحياء مع آبائهم، لكن تنازعوا في الطفل إذا مات أبواه أو أحدهما، هل يحكم بإسلامه؟ فعن