والمقصود هنا أن قوله:«كل مولود يولد على الفطرة» لم يرد به في أحكام الدنيا، بل في نفس الأمر، وهو ما يترتب عليه الثواب والعقاب، ولهذا لما قال هذا، سألوه فقالوا: يا رسول الله: أرأيت من يموت من أطفال المشركين؟ فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين.
فإن من بلغ منهم فهو مسلم أو كافر، بخلاف من مات.
وقد تنازع الناس في أطفال المشركين على أقوال: فقالت طائفة: إنهم كلهم في النار.
وقالت طائفة: كلهم في الجنة.
وكل واحد من القولين اختاره طائفة من أصحاب أحمد.
الأول: اختاره القاضي أبي يعلى وغيره، وحكوه عن أحمد، وهو غلط على أحمد كما أشرنا إليه.
والثاني: اختاره أبو الفرج بن الجوزي وغيره.
ومن هؤلاء من يقول: هو خدم أهل الجنة.
ومنهم من قال: هم من أهل الأعراف.
والقول الثالث: الوقف فيهم.
وهذا هو الصواب الذي دلت عليها الأحاديث الصحيحية، وهو منصوص أحمد وغيره من الأئمة.
وذكره ابن عبد البر عن حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وابن المبارك وإسحاق بن راهويه.
قال: وعلى ذلك أكثر أصحاب مالك، وذكر أيضاً في أطفال المسلمين نزاعاً ليس هذه موضعه.