المحبة جبلية فطرية، فشرطها - وهو المعرفة أيضاً - جبلي فطري، فلا بد أن يكون في الفطرة محبة الخالق مع الإقرار به.
وهذا أصل الحنيفية التي خلق الله خلقه عليها، وهو فطرة الله التي أمر الله بها.
وأيضاً فإذا كانت المحبة فطرية، وهي مشروطة بالشعور، لزم أن يكون الشعور أيضاً فطرية، والمحبة له أيضاً فطرية، لأنها لو لم تكن فطرية، لكانت النفس قابلة لها ولضدها على السواء، وهذا ممتنع كما تقدم.
وإذا كانت في الفطرة أرجح، لزم وجودها في الفطرة، وإلا كانت ممكنة الحصول وعدمه، كما في المجوسية وغيرها من الكفر، فتبقى الحنيفية مع المجوسية، كاليهودية مع المجوسية، وهذا باطل كما تقدم.
فعلم أن الحنيفية من موجبات الفطرة ومقتضياتها، والحب لله والخضوع له والإخلاص له هو أصل أعمال الحنيفية، وذلك مسلتزم للإقرار والمعرفة، ولازم اللازم لازم، وملزوم الملزوم ملزوم، فعلم أن الفطرة ملزومة لهذه الأحوال، هذه الأحوال لازمة لها، وهو المطلوب.
قال أبو عمر: (قد مضى في الفطرة ومعناها عند العلماء ما بلغنا عنهم والحمد لله، وأما أهل البدع فمنكرون لكل ما قاله العلماء في تأويل