قادرين على المعرفة، وقول من يقول: ولدوا قابلين لها وللتهود والتنصر، إما من التساوي، وإما مع رجحان القبول للإسلام.
وأما من قول من يقول: ولدوا على فطرة الإسلام، أو علىالإقرار بالصانع، وإن لم يكن ذلك وحده أيماناً، أو على المعرفة الأولى يوم أخذ الميثاق عليهم - فهذه الثلاثة لا منافاة بينها، بل يحصل بها المقصود.
والكتاب - والسنة - دل على ما اتفقت عليه من كون الخلق مفطورين على دين الله، الذي هو معرفة الله والإقرار به، بمعنى أن ذلك موجب فطرتهم، وبمقتضاها يجب حصوله فيها، إذا لم يحصل ما يعوقها، فحصوله فيها لا يقف على وجود شرط، بل على انتفاء مانع.
ولهذا لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم لموجب الفطرة شرطاً، بل ذكر ما يمنع موجبها، حيث قال:«كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» ، كما قال تعالى:{فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون * منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون} ، فأخبر أن المشركين مفترقون.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه لا تشركوه به شيئاً، وأنت تعتصموا بحبل الله جميعاً