وأيضاً فإنه إما أن تكون عبادته وحده لا شريك له أكمل للناس علماً وقصداً، أو الإشراك به، والثاني معلوم الفساد، فوجب أن يكون في فطرته مقتض يقتضي توحيده.
وأيضاً فأما أن يكون دين الإسلام مع غيره من الأديان متماثلين، أو الإسلام مرجوحاً أو راجحاً.
والأول والثاني باطلاق باتفاق المسملين، وبأدلة كثيرة، فوجب أن يكون في الفطرة مقتض يقتضي خير الأمرين لها، وامتنع أن تكون نسبة الإسلام وسائر الملل إلى الفطرة واحدة، سواء كانت نسبة قدرة، أو نسبة قبول.
وإذا لزم أن يكون في الفطرة مرجح للحنيفية التي أصلها معرفة الصانع ومحبته، وإخلاص الدين له، فإما أن يكون مع ذلك لا يوجد مقتضاها إلا بسبب منفصل، مثل من يعلمه ويدعوه، أو يمكن وجود ذلك بدون هذا السبب المنفصل.
فإن كان الأول لزم أن يكون موجبها متوقفاً على مخاطب منفصل دائماً، فلا يحصل بدونه البتة.
ثم القول في حصول موجبها لذلك المخاطب المنفصل، كالقول في الأول، وحينئذ فيلزم التسلسل في المخاطبين، ووجود مخاطبين لا يتناهون، وهو أيضاً مخاطبون، وهذا تسلسل في الفاعلين، وهو ممتنع.
وإن كان في المخاطبين من حصل له بموجب الفطرة بلا مخاطب منفصل، دل على إمكان ذلك في الفطرة، فبطل هذا التقدير: وهو كون