للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: الغاية التي يراد الفعل لها هي غاية مرادة للفاعل، ومراد الفاعل نوعان: فإنه تارةً يفعل فعلاً ليحصل بفعله مراده، فهذا لا يفعله، وهو يعلم أنه لا يكون.

والله تعالى يفعل ما يريد، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولكن الله يفعل ما يريد.

وتارةً يريد من غيره أن يفعل فعلاً باختياره، لينتفع ذلك الفاعل بفعله، ويكون ذلك محبوباً للفاعل الأول، كمن يبني مسجداً ليصلي فيه الناس، ويعطيهم مالاً ليحجوا به ويجاهدوا به، وسلاحاً ليجاهدوا به، ويأمرهم بالمعروف ليفعلوه، وينهاهم عن المنكر ليتركوه، وهم إذا فعلوا ما أراد لهم ومنهم، كان صالحاً لهم، وكان ذلك محبوباً له، وإن لم يفعلوا ذلك، لم يكن صلاحاً لهم ولا حصل محبوبه منهم.

ثم هذا قد لا يكون قادراً على فعل ما أمروا به اختياراً.

ولهذا زعمت القدرية النافية أن الرب ليس قادراً على هدي العباد، وهو خطأ عند أهل السنة، وقد يكون قادراً، فإنه سبحانه لو شاء لآتى كل نفس هداها: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} .

لكن المخلوق قد يعين بعض من أمره لمصلحة له في إعانته، ولا يعين آخر، والرب تعالى قد يعين المؤمنين فيفعلوا ما أمروا به، وأحبه الله منهم، لا يعين آخرين، لما له في ذلك من الحكمة، فإن الفعل لا يوجد إلا بلوازمه وانتفاء أضداده.

<<  <  ج: ص:  >  >>