وتنازع هؤلاء: هل الإلزام لهم صحيح أم لا؟ وبتقدير كون الإلزام صحيحاً ليس فيه حل للشبهة، وإذا لم تنحل كانت حجةً على الفريقين، وكان القول بموجبها لازماً، واعتبر ذلك بما ذكره أبو عبد الله الرازي في أشهر كتبه، وهو كتاب الأربعين وما اعترض عليه به صاحب لباب الأربعين أبو الثناء محمود الأرموي، وجوابه هو عنها، فإنه الرازي ذكرها، وذكر أجوبة الناس عنها وبين فسادها، ثم أجاب هو بالإلزام مع أنه في مواضع أخر بجيب عنها بالأجوبة التي بين فسادها الموضع.
قال حجتهم: جميع الممكنات مستندة إلى واجب الوجود، فكل ما لا بد منه في مؤثريته، إن لم يكن حاصلاً في الأزل، فحدوثه إن لم يتوقف على مؤثر وجد الممكن لا عن مؤثر، وإن توقف عاد الكلام فيه وتسلسل، وإن كان حاصلاً: فإن وجب حصول الأثر معه لزم دوامه لدوامه، وإن لم يجب أمكن حصول الأثر معه تارة وعدمه أخرى، فيرجح أحدهما على الآخر، وأن لم يتوقف على أمر وقع الممكن بلا مرجح، وإن توقف لزم خلاف الفرض.