للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فالعبادة المذكورة في عامة المواضع في القرآن لا يراد بها هذا المعنى.

وأيضاً فإن قوله: {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} ، دليل على أنه خلقهم ليعبدوه، لا ليرزقوا ويطعموا، بل هو المطعم الرازق، وإطعامه لهم ورزقه إياهم، هو من جملة تدبيرهم وتصريفهم، الذي قد جعله أهل هذا القول عبادةً له، فتكون العبادة التي خلقوا لها كونهم مرزوقين مدبرين، وهذا باطل.

وأيضاً: فقوله {ليعبدون} يقتضي فعلاً يفعلونه هم.

وكونه يربيهم ويخلقهم، ليس فيه إلا فعله فقط، ليس في ذلك فعل لهم.

ويلي هذا القول في الضعف قول من يقول: إنهم كلهم عبدوه، أو أن الآية خاصة فإنه هذه أقوال ضعيفة، كما أن قول القدرية الذين يقولون: إنه ما كان منهم كان بغير مشيئته وقدرته وإنه لم يشأ إلا العبادة فقط، وما كان غير ذلك فإنه حاصل بغير مشيئته وقدرته - قول ضعيف.

والناس لما خاضوا في القدر صارت الأقوال المتقابلة تكثر فيه، وفي تفسير القرأن بغير المراد، وهو مما «نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث خرج عليهم وهم يتنازعون في القدر: هذا قول: ألم يقل الله كذا؟ وهذا يقول: ألم يقل الله كذا؟ فقال: أبهذا أمرتم؟ أم إلى هذا دعيتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض» .

<<  <  ج: ص:  >  >>