ثم قال:{أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} ، ذكر لهم حجتين يدفعهما هذا الإشهاد.
إحداهما:{أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} .
فبين أن هذا علم فطري ضروري، لا بد لكل بشر من معرفته، وذلك يتضمن حجة الله في إبطال التعطيل، وأن القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري، وهو حجة على نفي التعطيل.
والثاني:{أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم} ، فهذا حجة لدفع الشرك، كما أن الأول حجة لدفع التعطيل.
فالتعطيل مثل كفر فرعون ونحوه، والشرك مثل شرك المشركين من جميع الأمم.
وقوله:{أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} : وهم آباؤنا المشركون، وتعاقبنا بذنوب غيرنا؟ وذلك لأنه قدر أنهم لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم، ووجدوا آباءهم مشركين، وهم ذرية من بعدهم، ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذى الرجل حذو أبيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم، إذ كان هو الذي رباه، ولهذا كان أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ويشركانه، فإذا كان هذا مقتضى العادة الطبيعية، ولم يكن في فطرتهم وعقولهم ما يناقض ذلك، قالوا: نحن معذورون، وآباؤنا هم الذين