للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قال: (وقد رأينا على الكفر برهة ثم آمن، ومن كان مؤمناً ثم كفر.

ولو كان ذلك صبغةً لما انتقلوا، ولما كان من الكسب صح عليه النقلة والتحويل، وقد قال تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم} ، فأضافه إليهم حقيقة.

وقال: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا} ، {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا} ، ألا ترى أنهم لما لم يخلقوا صبغة كفاراً نفعهم إيمانهم؟.

ولما قال فرعون (آمنت) لم ينفعه.

وقد أشفى في الحديث بما فيه مقنع بقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا وهو يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» ، وهو إجماع المسلمين أن الكافر لا يعاقب ويجلد على ما خلق، إنما يعاقب ويجلد على نيته وكسبه، وهو موضع إيثارهم لما نهاهم عنه، على ما أمرهم به من الإيمان، فكان تكذيبه لهم على كسب اكتسبوه، وفعل فعلوه، ونهي ارتكبوه، وأمر خالفوه، وهو ما أحدثوه، لا شيء جبلوا عليه ولا اضطروا له، ولا خلقوا مجبولين عليه، إذ لو خلقهم كفاراً لكانوا إلى ذلك مضطرين، ولم يقل بذلك أحد من المسلمين.

ألاترى أنه لما خلقهم علىمعرفة لم يصح لهم ولم يقع غير ذلك، ولم يثابوا على ذلك؟ أعني: معرفة الربوبية، وهي الفطرة، ووجدنا الكفر يصح النقل عنه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>