للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجازاً، وأعمالهم لا صنع لهم فيها - فهو أخس القدرية، وأعتى المجبرة، وهو الغالي في دين الله، المرجىء المحيل بمعاصيه على ربه، وبفجوره على من تقدس عن كسبه، بل تنزه عما يقول الظالمون، ولم يزل عليماً شائياً، حكيماً عادلاً متفضلاً، منصفاً محققاً، مجبراً خالقاً، آمراً ناهياً، غير عابث ولا تارك لأمورهم سدى، ولا لها مهملاً، فخلق الكافر على الفطرة، وخلق كفره وشاءه في ملكه، ولم يجبره عليه ولا اضطره إليه، ولم يتوله، بل تبرأ منه، وتركه معه، ونهاه عن اعتقاده والتلبس به وبفعاله، وجعل له قدرةً واستطاعةً على كسبه، وتركه مع هواه، فلما دخل تحته، واعتقده في نفسه، واتصل به، واختاره وأحبه - كان كما ذكرنا في الجمع والتفرقة، والخلقة والكسب، فصار بما اعتقد واكتسب، كافراً، وسمي فاجراً، ولا هو لنفسه خالقاً، ولا لكفره مخترعاً، بل له مكتسباً، وبه اجتمع ففارق الإيمان والإحسان الذي أمر بمواصلتهما، فصار لذلك مجانياً، وخالط الكفر فصار فيه والجاً، فتوجه نحوه التهديد، ولزمه الوعيد، فألزمه ما اكتسب، ورده إل ىما علم، وأدخله في وعيده، واستحق عقوبته، وخلده بنيته: {وما ربك بظلام للعبيد} .

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين» .

وهذا نص من صاحب الشريعة جلي واضح لا شبهة فيه، يسفر عن إيضاح ما أوردناه، حنفاء عارفين على فطرته،

<<  <  ج: ص:  >  >>