للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استفاض من مخاطبات الجمادات له صلى الله عليه وسلم، وسلامها عليه، وحنينها إليه، ومخاطبة الأنعام والوحوش، والطير، والصغار في المهود، وغير ذلك.

قال صلى الله عليه وسلم: «إن البهائم أبهمت إلا عن ثلاث» ، فذكر معرفة بارئها.

وهذه الأشياء مما لا يصح فيها الاستدلال والنظر، ولا عقول، ولا اختيار، ولا كسب، وقد عقل معرفتها لبارئها عز وجل، وثبت بالكتاب والسنة.

وهذا ظاهر جلي ينفي وجود هذه المعرفة بالوسائط، لأنها حق له عز وجل، ينفي عن نفسه ما شمل سائر البرية من المعلوم والمجهول، لأنه سبحانه خلق الأشياء مجهولة، ثم جلاها بالأسماء، فعرفت من بعد جهلها، وذلك دليل الحدث، فعز عن أن يكون كالحوادث التي عرفت بغيرها.

وقال بعض الحكماء كلمات لا سبيل إلى نقضها: وهو أن كل معروف بغير نفسه مجهول، وكل تام بغيره معلول.

ولقد أحسن فيما قال وأصاب، إذ معرفته بغيره شهادة قاطعة على وجود علة المجهول فيه، الذي ارتفعت عنه تغيره، الذي لولاه لم يعرف، فصارت معرفته بغيره صارخة بفقره، إلى من ارتفعت عنه علة المجهول، والغير علة، والعلة لا تصحب إلا معلولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>