إثباته تخييراً، وتلك علل الحوادث، فهو الثابت بثباته، المعروف بنفسه، لم يعرف من بعد جهل، إذ ذاك تغيير عن الأزل، فهو المعروف أزلياً، والعارفون محدثون، كما أنه إله لم يزل، والمألوهون المقرون له بالإلهية محدثون، ولا يجوز على الإلهية تغيير، ولا أن تقوم لها صفة بالحوادث، وهذه المعرفة تعم سائر البرية من ساكن ومتحرك، وهي جبل كجبل الملائكة على الخدمة، فتلزم مكلفاً وغير مكلف) .
قال: (والفصل الثاني: معرفة الربوبية، وهي خاصة للمكلفين من بني آدم، وهي تعم مؤمنهم وكافرهم وسائر فرقهم، وهي ضرورية أيضاً، وهي عن رؤية، وهي قوله سبحانه:{وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى} ، وهذا في غير وقت الكسب والتكليف، فتعرف إليهم بنفسه بلا وسائط ولقنهم التاء وخاطبهم بحرف التعريف، فأقر الكل له بتلك المعرفة، إذ عاينوه جباراً قهاراً، وهي معرفة لا يقع بها إيمان ولا توحيد، لأنها إقرار للضرورة، وليس للكافر فيها اختيار، إذ لو كان له فيها اختيار لجحدها، كما جحد معرفة التوحيد، ولو كانت كسبية لوقع له بها