إله إلا الله» ، لم يقل: حتى يقولوا: إن ربهم رباً، إذ هم عارفون بذلك.
وإنما أمرتهم الرسل أن يصلوا معرفة التوحيد بمعرفة الربوبية والوحدانية فأبوا، وقبل ذلك الموحدون، فقال في حال المؤمنين:{والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} ، وقال في حال الكفار:{ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} .
فالسفراء لهم مدخل في معرفة التوحيد دون معرفة الوحدانية والربوبية، إذ لكل معرفة مقام، فليس للعقل والكسب والوسائط والنظر والاستدلال في هذه المعرفة حكم، لكونها عامة موجودة ممن يصح منه النظر والاستدلال وممن لا يصح منه، فلو كلفهم كلهم النظر والاستدلال، لكان مكلفاً لهم شططاً، إذ لايصح من الكل النظر والاستدلال، ويصح من الكل المعرفة بالاضطرار، فحملهم من ذلك ما رفع به عنهم الشطط.
وحديث الجارية فمشهور، وهي مما لا يصح منه النظر والاستدلال.
وكذلك الأبله والمجنون وغيرهم، لو سألتهم عن الله سبحانه لأشاروا إليه بما عرفهم، فتعرف سبحانه قبل التكليف بنفسه وبعد التكليف بالسفراء، لأنه لو خطابهم وكاشفهم قبل التكليف بلا سفير لبطل التكليف) .