قلت: وذكر ابن عبد أشياء، وإن كان في بعض ما ذكره آثار لا تثبت، وكلام مستدرك، فالمقصود بيان ما ذكره من أن المعرفة فطرية.
إلى أن قال: وإنما كان الخليل بقوله منبها لقومه، ومذكراً لهم الميثاق الأول، رداً لهم إلى ضرورتهم، ليصلوا إلى ما انعجم عليها بما هو ضرورتهم وكوشفوا به، وإن كان ذلك من الخليل في طفوليته كم حكي، فأين محل النظر والاستدلال؟ وإن كان في حال رجوليته فمتى التبس هذا الحكم على بعض المؤمنين في زماننا وغيره، حتى يلتبس على الخليل، الذي اصطفاه الله بالخلة من بين العالمين؟! نعوذ بالله من الحيرة في الدين.
لا جرم وقال تعالى:{وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} ، ولو أن الله عرف بالعقل لكان معقولاً بعقل، وهو الذي لا يدركه عقل، ولا يحيط به إحاطة، وإنما أمرنا بالنظر والتفكير فيما عرف بالتقدير، لا إلى من:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ، فعرفنا أن لكل أثراً مؤثراً، ولك بناء بان، ولكل كتابه كاتب من ضرورتنا إلى ذلك، كما عرفنا اضطراراً أن السماء فوقنا والأرض تحتنا، ومعرفة وجودنا، وغير ذلك، إذ يستحيل أن يحدث الشيء نفسه، لعلمنا بأنه في وجوده وكماله يعجز، كيف في عدمه وعجزه؟!) .