قال: (فليس شيء إلا وهو يعرف الله سبحانه، ولو كان الحكم واحداً والمعرفة واحدة لاستووا.
وعدم الاستواء ووجود التفاوت يشهد بصحة ما قلنا، مع تصحيح الآثار، ومذاقات ألفاظ الرجال، فهو أجل أن يجهل، وأعز أن تنتهي فيه معارف ذوي المعارف، أو تبلغه بصائر ذوي البصائر:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} .
ومعرفة الرب بربوبيته، إذ ربوبيته ظاهرة، لا يدعها جاحد، ولا يقدر أن ينكرها معاند، إذ هو أجل أن يخفى، وأعز أن يقاس، وأعظم أن تشرف عليه العقول، أو يتناوله معقول، ليس في حيز المجهولات فيستدل عليه، ولا مضبوط بالحواس فتصل الأفهام إليه، فعرفناه بما تعرف، ووصفناه بما وصف، إذ به عرفت المعارف، ووجدت الدلائل، فعرفنا نفسه، وعرفنا رسله، بما أظهر على أيديها من المعجزات، والبراهين والآيات، وتعرف إلينا على ألسنتهم كيف نوحده ونشكره ونعبده، إذ لا وصول لنا إلى مراده منا إلا بما أرسل وعلم، لتكون المملكة معذوقة بمالكها، ونوحده بما وحد به نفسه، ونثني عليه