غاب بعضه موافق لقول أهل الملل، وبعضه موافق لقول الفلاسفة الدهرية، فإنه مبني على إثبات العقول والنفوس، وأنها ليست أجساماً، وكونها قديمة أزلية لازمة لذات الله تعالى.
وهذه الأقوال ليست من أقوال أهل الملل، بل هي أقوال باطلة، كما قد بسط في غير هذا الموضع، وبين أن ما يدعونه من المجردات إنما ثبوتها في الأذهان في الأعيان.
وإنما أجاب الأرموي بهذا الجواب لأن هؤلاء المتأخرين ـ الكشهرستاني الرازي واللآمدي ـ زعموا أن ما ادعاه هؤلاء المتفلسفة من إثبات عقول ونفوس مجردة لا دليل للمتكلمين على نفيه، وأن دليلهم على حدوث الأجسام لا يتضمن الدلالة على حدوث هذه المجردات.
وهذا قول باطل، بل أئمة الكلام صرحوا بأن انتفاء هذه المجردات، وبطلان دعوى وجود ممكن ليس جسماً ولا قائماً بجسم: مما يعلم انتفاؤه بضرورة العقل، كما ذكر ذلك الأستاذ أبو المعالي وغيره بل قال طوائف من أهل النظر: إن الموجود منحصر في هذين النوعين، وإن ذلك معلوم بضرورة العقل، وقد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا: أن هذا الجواب الذي ذكره الأرموي مبني على هذا الأصل.
ومضمونه: أن الرب تعالى موجب بالذات للعقول والنفوس الأزلية اللازمة لذاته لا فاعل لها بمشيئته وقدرته، وهم يفسرون العقول بالملائكة، فتكون الملائكة قديمة