هل يقولون: عدم لعدم موجبه أولا يعلل عدمه؟ بل ليس له من نفسه وجود، وإنما وجوده بفاعله.
فإذا لم يفعله فاعل بقي على العدم المستمر.
هذا فيه نزاع لفظي اعتباري.
وتحقيق الأمر أن عدم علته مستلزم لعدمه، لا أن عدم علته فعل عدمه وأوجب عدمه، ولكن يلزم من عدم علته عدمه.
فإن أريد بالعلة في عدمه، المؤثر في عدمه، فعدمه المستمر لا يحتاج إلى مؤثر.
وإن أريد به المستلزم لعدمه، فلا ريب أن عدم علته مستلزم لعدمه.
وهؤلاء يقولون: إن الجائزات صنفان: صنف هو جائز باعتبار فاعله، وصنف هو واجب باعتبار فاعله.
بل الجائزات الموجوده كلها واجبة باعتبار فاعلها، وما لم يوجد من الجائزات، فهو جائز باعتبار يفسه، وهو ممتنع لغيره.
فكما أن ما وجد من الممكنات فهو واجب لغيره لا لنفسه، فما لم يوجد منها، فهو ممتنع لغيره لا لنفسه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فما شاء أن يكون، فلا بد أن يكون، وليس هو واجباً بنفسه، ولا له من نفسه وجوده، بل الله مبدعه.