للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المؤثرات أن يكون للمؤثر مؤثر معه لا يكون حال عدم المؤثر، فإن الشيء لا يفعل في حال عدمه، وإنما يفعل في حال وجوده، فعند وجود التأثير لا بد من وجود المؤثر، فإن المؤثر التام لا يكون حال عدم التأثير، بل لا يكون إلا مع وجوده، لكن نفس تأثيره يستعقب الأثر، فإن جعل تمام المؤثرية مقارناً للأثر كان من جنس التسلسل في المؤثرات، لا في الآثار.

وقد يقول القائل: هذا الذي أراده الرازي بقوله: إن المؤثرية ليست صفة ثبوتية زائدة على الذات، وإلا كانت مفتقرة إلى المؤثر، فتكون مؤثريته زائدة، ويتسلسل فإنه قد يريد التسلسل المقارن لا المتعاقب، فإنها إذا كانت زائدة افتقرت إلى مؤثر يقارنها، كما يقوله من يقوله من المتفلسفة والمتكلمين.

والرازي قد يقول بهذا، وحينئذ فهذا التسلسل باطل باتفاق العقلاء.

فيقول القائل: هذا هو الإلزام الذي ألزم به الرازي الفلاسفة، حيث قال: والجواب أن هذا يقتضي دوام المعلول الأول، لوجوب دوام واجب الوجود، ودوام الثاني لدوام الأول، وهلم جرا، وإنه ينفي الحوادث أصلاً.

قال: فإن قلت: واجب الوجود عام الفيض، يتوقف حدوث الأثر عنه على استعدادات القوابل، فكل حادث مسبوق بآخر لا إلى أول.

قلت: حدوث العرض المعين لا بد له من سبب، فذلك السبب إن كان حادثاً عاد الكلام في سبب حدوثة، ويلزم وجود أسباب ومسببات لا نهاية لها دفعةً، وهو محال، وإن كان قديماً لم يلزم من قدم المؤثر قدم الأثر، فكذلك في كلية

<<  <  ج: ص:  >  >>