قال: والاعتناء بهذا الركن حتم، فإن إثبات العرض منه يزعزع جملة مذاهب الملحدة، فأصل مقالتهم أن العالم لم يزل على ما هو عليه، فلم تزل دورة الفلك قبل جورة إلى غير أول، ثم لم تزل الحوادث في عالم الكون والفساد تتعاقب كذلك إلى غير مفتتح، فكل ولد مسبوق بوالد، وكل زرع مسبوق ببذر، وكل بيضة مسبوقة بدجاجة، فنقول: موجب أصلكم يقضي بوجود حوادث لا نهاية لأعدادها، ولا غاية لآحادها، على التعاقب في الوجود، وذلك معلوم بطلانه بأوائل العقول، فإنا نفرض القول في الدورة التي نحن فيها، ونقول من أصل الملحدة أنه انقضى قبل الدورة التي نحن فيها دورات لا نهاية لها، وما انتفت عنه النهاية يستحيل أن ينصرم بالواحد على إثر الواحد، فإذا تصرمت الدورات التي قبل هذه الدورة أذن انقضاؤها بتناهيها، وهذا القدر كاف في غرضنا.
تعليق ابن تيمية
قلت: وهذه الحجة هي التي تقدم ذكر اعتراض كثير من النظار